الجمعة، 15 مايو 2009

القول الثاني ..نسبية الأمانة

نسبية الأمانة:
يقول الله تعالي : إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا..
عندما كنت صغيرا كان عندي إعتقادا جازما بأن الإنسان الذي حمل الأمانة ماهو إلا أبونا آدم . بل كنت أقول كيف نحاسب جميعا علي حمل الأمانة والشخص الوحيد الذي حملها هو سيدنا آدم .
لم يدر بخلدي وقتئذ أن هذا الإنسان هو كل بني آدم ، وأن الأمانة عرضت علينا واحدا واحدا وقبلناها جميعا ، إذ أن هذا هو ما يحتمه العقل الذي ينزه الله عن الظلم . من قبيل ( ولا تزر وازرة وزر أخري).
ولكن انتظر لحظة ..كيف نحمل جميعا الأمانة
وفينا من يولد مجنون ..هل هذا حامل أمانة ؟ وكيف حملها وهو لا يحاسب
بل انظر إلي من يولد أعمي كيف يتساوي مه من ولد بصيرا في الحساب والأول قد حماه عماه من فتنة العين وما تجره علي البصير من معاصي
وهذا الذي يولد ضعيفا هل يتساوي مع القوي ..تلك القوة التي تتضاعف مع الشيطان لدعوة هذا القوي لظلم الضعيف ...
وهكذا اذا أعملت النظر في الإختلاف بين البشر في القوة الجسمانية والعقلية ...تجد أنه من المستحيل أن يتساوي الناس في الحساب حيث أن هذا لا يتناسب مع العدل الإلهي.
إذا كيف نبرر مانراه حولنا مع الإحتفاظ بمسلمة العدل الإلهي؟
وللإجابة عن هذا التساؤل نقول:
بداية ماهي الأمانة ... الأمانة هي أن تكون مخيرا....هل تدري معني أن تكون مخيرا.وهل تدري توقيت هذا الحمل ومعناه خاصة في هذا التوقيت..
يقول الله (إنا عرضنا ...وحملها الإنسان) وبالطبع نحن لا نذكر هذا العرض ولا نذكر قبولنا له ...لأنه كان في عالم يسبق عالمنا هذا وهو العالم الذي اصطلح علي تسميته بعالم الذر ... وحملك لأمانة الإختيار فيما قبل الدنيا جعلك صاحب إختيار في أمور ماقبل الدنيا أيضا...
فمثلا أنت تختار صفاتك وقدراتك التي ستحوذها في الدنيا قبل نزولك فيها ... وعليه فإن إختيارك لأفعالك في الدنيا يكون ذي قيمة واقعية إذ أنك تستخدم في اختيارك قدرات أنت إخترتها من قبل ...إذ كيف يحاسبني الله علي سوء اختياري بسبب غباء خلقه في ،وكنت عليه مجبرا.
هذا ماتحتمه العدالة الإلهية ...
وكمثال توضيحي .هناك من يجد نعمة البصر ضخمة عليه ...لا يستطيع أن يحاسب عليها فاختار أن يجعله الله أعمي في الدنيا وهناك من اختار الضعف والفقر أو حتي الغباء لنفس السبب..
وهناك أيضا من حمله الغرور إلي اختيار صفات الكمال في كل شئ..
وبذلك تختلف الأمانة من شخص لآخر ويختلف الحساب أيضا ..
(وهذا هو أساس الدرجات في الجنة أو في النار) ولذلك تجد لكل شخص مقعد في الجنة ومقعد في النار يحوله عمله لأحدهما ...وليس هناك مقاعد للجنة أو مقاعد للنار للفرد الواحد ...لو تفهم قصدي..
وبهذا نري عدل الله حينما نري الأعمي والبصير والقوي والضعيف والغني والفقير ...
ويكون جوابنا علي من يقول لماذا خلقتني يارب فقيرا وخلقت فلانا غنيا ...
بأن الله خلقكم سواء وأنت الذي اخترت أن تكون فقيرا..
ونقول أيضا للمتكبر بعلمه وعقله علي الجهلة الأغبياء ،لا تتكبر . فهذه النعمة التي تتكبر بها سوف تحاسب عليها وقد تكون وبالا عليك.
وهؤلاء الذين تتكبر عليهم ماهم إلا إخوانك ، الذين عرفوا قدر نفوسهم ورفضوا أن يحملوا جزء من الأمانة التي حملتها أنت .
وفي حديثنا هذا أيضا يمكنك أن تري تعليقا شافيا قد أحب أن أزيل به كلاما يدور حول ما جري بين زعيم الأشاعره وشيخه المعتزلي (الذي أخذ عنه العلم دهرا قبل أن يختلف عنه وينشق)
قال الأشعري : يا شيخ ...ماذا تري إذا قال أحد الولدان المخلدون ..يارب لم أمتني صغيرا لو تركتني لأصبحت عبدا صالحا أرتع في الجنة مثل هؤلاء الصالحون الذين أخدمهم ..
قال الشيخ : سيقول الله .قد علمت بعلمي الأزلي أنك ستشب كافرا فأمتك صغيرا رحمة مني وفضل..
فقال الأشعري : أرأيت إن تكلم حينها الكافر وقال يارب لم لم تمتني صغيرا مثل هذا الغلام .
فسكت الشيخ ولم يحر جوابا ..
وكانت النتيجة هي أن ترك الأشعري مذهب المعتزلة (مذهب الشيخ ) وأنشأ مذهبا جديدا ، وهو مذهب الأشاعرة ..
ولا أدري إن كان الاشعري قد وجد جوابا عن سؤاله المنطقي أم لا...
وفي الاصل ان هذا كان حوار إستحاليا لشخص أعزته عزة ما بباطل ما...
ومن نظرية نسبية الامانة السالفة الذكر ، نجد ان من مات صغيرا، كان نصيبه من حمل الامانة أقل من نصيب الكافر.. فمات الاول صغيرا وكان جزاءه من جنس مقدار الأمانة التي حملها ( أمانة صغيرة ....خادم في الجنة إذا جاز التعبير)
أما جزاء الكافر فكان جسيما بحسب الأمانه التي أحتملها

هناك 8 تعليقات:

Entrümpelung يقول...

مدونة مميزة .. وافكار قيمة

Übersiedlung Wien يقول...

شكراً لكم ع الموضوعات المتنوعة ...

Sperrmüllentsorgung Wien يقول...

شكرا على المجههود

Wohnungsräumung يقول...

شكرا على الموضوع

Sperrmüllentsorgung يقول...

شكرا ع الموضوعات

حامد برهام يقول...

شكرا علي ردود حضراتكم .. الحقيقة انا كنت سايب المدونة بتاعتي من زمان ومكنتش متصور ان فيه حد بيقراها ولما لقيت اتناشر تعليق انبسطت جدا

حامد برهام يقول...

شكرا علي ردود حضراتكم .. الحقيقة انا كنت سايب المدونة بتاعتي من زمان ومكنتش متصور ان فيه حد بيقراها ولما لقيت اتناشر تعليق انبسطت جدا

حامد برهام يقول...

شكرا علي ردود حضراتكم .. الحقيقة انا كنت سايب المدونة بتاعتي من زمان ومكنتش متصور ان فيه حد بيقراها ولما لقيت اتناشر تعليق انبسطت جدا